الرعاية النفسية في سياقات ذات موارد محدودة
يُعد استسقاء الدماغ لدى الأطفال اضطرابًا في التطور العصبي يعتبر مشكلة صحة عامة بسبب انتشاره ومعدل الوفيات المرتبط به. وباحتساب أكثر المناطق كثافة سكانية في أفريقيا، قُدّر أن حوالى 200.000 رضيع يولدون أحياء سنويًا يصابون بالاستسقاء الدماغي خلال السنوات الخمس الأولى من حياتهم. ينجم هذا الاضطراب عن فرط السائل الدماغي الشوكي داخل بطينات المخ مما يؤدي إلى عواقب جسدية (دوار، صداع، تضخّم محيط الجمجمة، إلخ)، ونفسية (انزعاج عاطفي، لامبالاة، تهيّج، اكتئاب) ومعرفية (انخفاض سرعة المعالجة، مشاكل في الذاكرة والتركيز).
يتطلب النهج العصبي النفسي الشامل لهؤلاء المرضى الكشف المبكر، والتقييم المتعمق للعجز المعرفي والحركي الحسي، والتدخل الفردي استنادًا إلى برنامج محدد. ومع ذلك، في مناطق الدخل المنخفض مثل أرخبيل زنجبار، فإن التدخل الوحيد المتاح غالبًا هو التدخل الجراحي العصبي، والوصول إليه محدود. بالإضافة إلى ذلك، فإن عدم القدرة على الوصول إلى خدمات الرعاية العصبي‑نفسية يترتب عليه تفاوت كبير في الفرص لتحفيز النمو المعرفي لديهم.
منذ عام 2008، تدخلت مؤسسة NED جراحيًا عصبيًا في العديد من المرضى الأطفال المصابين بالاستسقاء الدماغي وفتق العمود الفقري. وبالنظر إلى الانتشار العالي المستمر في المنطقة والقدرة المحدودة للمستشفى على استيعاب جميع الحالات كما هو مطلوب، فقد أنشأوا في عام 2021 بيت الأمل بالتعاون مع منظمة Child Help International وجمعية مرضى HSBO في زنجبار. وفي هذه اللحظة توفرت الظروف اللازمة لاقتراح تطوير برنامج PsicoNED.
مؤسسة NED، وبيت الأمل في زنجبار هو مركز صحي يهدف إلى تحسين جودة حياة المرضى المصابين بالاستسقاء الدماغي وفتق العمود الفقري وأسرهم. ويقدّم ذلك من خلال الخدمات التالية:
- الإقامة والإعاشة للمرضى الأكثر ضعفًا.
- برنامج علاج طبيعي وعلاج وظيفي.
- نقل مهيأ لتسهيل الوصول إلى العلاجات.
- إعادة تأهيل عصبي معرفي.
- مجموعات دعم للنساء والمراهقين.
- زيارات منزلية.
- حملات توعوية حول الصحة والوقاية.
برنامج إعادة التأهيل العصبي في بيت الأمل
من خلال مشروع PsicoNED، الذي انطلق في عام 2023، تُلبى الاحتياجات البيولوجية والنفسية والاجتماعية للمرضى الذين يراجعون بيت الأمل وأسرهم.
حتى تاريخه، تم تقييم أكثر من 100 طفل بواسطة أخصائيين نفسيين متطوعين شاركوا في بعثات التعاون. كما نقدّم تدخلًا عصبيًا نفسيًا فرديًا مرة أسبوعيًا. وأصبح هذا ممكنًا بفضل التدريب المستمر لمتخصصتين في المركز، واللتين تجعلان تطوير هذا البرنامج الرائد لعلم النفس العصبي في المنطقة ممكنًا. بالإضافة إلى ذلك، أنشأنا مجموعات دعم للنساء والمراهقين، وبدأنا بالتنسيق مع المدارس للمتابعة السليمة للأطفال المشاركين في البرنامج.
PsicoNED وNeuronUP كمورد رئيسي
الهدف الرئيسي لمشروع PsicoNED هو تطوير برنامج للرعاية العصبي‑نفسية يمكنه تلبية الاحتياجات الفردية لكل طفل يتم تقديم الرعاية له. يُنفَّذ برنامج التحفيز المعرفي أسبوعيًا ويضمن عقد جلسة واحدة على الأقل شهريًا لكل طفل، بمدة تقارب 45 دقيقة. تشمل هذه الجلسات تحفيز الوظائف المعرفية الأكثر تأثرًا لدى المرضى المصابين بالاستسقاء الدماغي لدى الأطفال مثل سرعة المعالجة والانتباه والذاكرة، وكذلك الوظائف التنفيذية الرئيسية مثل اتخاذ القرار والتخطيط والكبح.
لتنفيذ هذه الجلسات، يتم الجمع بين مواد ورقية وأدوات رقمية عبر الأجهزة اللوحية، وكلا النوعين مأخوذان من منصة NeuronUP الرقمية. يُعد هذا المورد من أكثر الموارد استخدامًا على المستوى الوطني والدولي بسبب وفرة مواد التحفيز التي يوفرها ودمجه للتقنيات الحديثة في جمع وتحليل البيانات.
أخيرًا، تُخصَّص الدقائق الأخيرة من التدخل للتحفيز المعرفي من خلال اللعب. والهدف من ذلك تعزيز الالتزام بالعلاج من قبل المريض وأسرته، بالإضافة إلى خلق بيئة ديناميكية وجذابة للمريض، كما تشير استنتاجات Calderón-Chagualá وزملاؤه.
NeuronUP كجزء من مشروع بحثي
في بداية عام 2024 كان NeuronUP موردًا أساسيًا في مشروع بحثي ممول من الجامعة الدولية في فالنسيا، منسقًا من قبل الدكتورة ماريا خوسيه غارسيا روبيو، أستاذة بكلية علوم الصحة في الجامعة ومتعاونة مع PsicoNED منذ بداياته.
الهدف العام لهذا المشروع هو إعداد برنامج تحفيز معرفي للمرضى المشخّصين باستسقاء الدماغ لدى الأطفال المقيمين في بيت الأمل في زنجبار. هذا الهدف العام يتفرع إلى الأهداف المحددة التالية:
الهدف 1: إعداد بروتوكول لتحفيز معرفي يركز على الوظائف المعرفية العليا
أعدت دراسات مختلفة في دول ذات دخل متوسط إلى مرتفع برامج تحفيز معرفي للمرضى المصابين بالاستسقاء الدماغي لدى الأطفال. ومع ذلك، وحتى حيث علمنا، لا توجد في زنجبار برامج معيارية لتحفيز المعرفي للأطفال المصابين بالاستسقاء الدماغي يمكن الاستفادة منها. استنادًا إلى البرامج السابقة والقصور المعرفي في هذه الفئة السكانية، من المتوقع أن يدمج البرنامج أنشطة تحفز مجالات مثل الانتباه والذاكرة وسرعة المعالجة والوظائف التنفيذية على نحو خاص.
الهدف 2: عرض البرنامج على المركز الاجتماعي الصحي المختار، بيت الأمل في زنجبار، حيث سيتم تطبيق برنامج التحفيز المعرفي
سيُطبق هذا المنهج التدخلي على العينة المستهدفة في بيت الأمل نظرًا للآثار المعرفية والنفسية المرتبطة به ولارتباطه بمؤسسة NED.
الهدف 3: تقييم قابلية التطبيق وصلاحية البرنامج المُعد على عينة تجريبية ممثلة من السكان
قَيّمت بعض الدراسات السابقة قابلية تطبيق برامج التحفيز المعرفي في هؤلاء المرضى المصابين بالاستسقاء الدماغي لدى الأطفال. ومع ذلك، وحتى الآن في زنجبار لم يُطبق سوى بروتوكول تقييم وفحص عصبي‑نفسي على الأطفال المرتبطين ببيت الأمل في زنجبار، ضمن برنامج إعادة التأهيل العصبي لمؤسسة NED.
الهدف 4: تحليل التغيرات العصبيّة‑النفسية المحتملة قبل/بعد والمتغيرات السوسيو ديموغرافية الأخرى المرتبطة نتيجة تطبيق البرنامج على هذه العينة التجريبية الممثلة.
على الرغم من عدم وجود برامج تحفيز معرفي مطبقة سابقًا يمكن الاستناد إليها لوضع فروض فعالية البرنامج، من المتوقع حدوث تحسّن في المجالات المعرفية التي يعالجها البرنامج المُعد في هذا المشروع البحثي. بالإضافة إلى ذلك، يُتوقع أن تؤثر مسببات الاستسقاء ووجود الأمراض المصاحبة طبية، مثل عدد التدخلات الجراحية العصبية، في فاعلية البرنامج.
في هذا المشروع يُعد مورد NeuronUP عنصرًا أساسيًا بسبب خصائصه في التحفيز المعرفي وخاصة لإمكانية العمل عن بُعد من بلدين تفصل بينهما مسافة مادية كبيرة.
الاستنتاجات
حاليًا، يدخل PsicoNED مرحلة توطيد برنامجه في علم النفس العصبي، مسلطًا التركيز على تدريب المتعاونات المحليات اللاتي يقدّمن الرعاية العصبي‑نفسية أسبوعيًا. علاوة على ذلك، تُباشر أنشطة موازية لتلبية الاحتياجات العاطفية والاجتماعية مثل مجموعات الدعم للنساء والمراهقين. ومن المتوقع أن تتيح التعاونات مع جهات مهنية أخرى ومراكز التعليم العالي تكوين اختصاصيين نفسيين مستقبليين، مما يمنح أملًا لتطوير علم النفس في زنجبار ويضمن استمرارية المشروع على المدى الطويل.
هدفنا النهائي هو تقديم رعاية نفسية عالية الجودة لجميع المشاركين في المشروع، وتمكين عدد أكبر من الأشخاص من الوصول إلى هذه الرعاية. في هذه المرحلة من المشروع، كان دمج NeuronUP كأداة عمل رئيسية عاملًا محوريًا. فمن ناحية، يسهل ذلك عمل الفريق المحلي بتوفير موارد متعددة للتدخلات؛ ومن ناحية أخرى، يمكّن المنسقات وفريق العمل في إسبانيا من الإشراف ومتابعة تقدم الأطفال.
كما يُعد NeuronUP موردًا أساسيًا في خط البحث المُنطلق، إذ تتيح قدرته على تسجيل درجات كل مستخدم وبنيته التدخلية نقل المعلومات وإجراء التحليل الإحصائي للبيانات. ومع مراعاة خصائص المشاركين في المشروع، ثمة حاجة لإدخال بعض التعديلات والتحسينات على بروتوكولات التقييم والتدخل العصبي‑النفسي على المدى المتوسط. وبشكل محدّد، يتطلب الأمر تكييف الاختبارات والمواد لتتماشى مع الخصائص الديموغرافية والثقافية للسكان المستهدفين، مع اهتمام خاص باللغة.
اللغة الرسمية في زنجبار هي السواحيلية، وهي اللغة الأكثر تحدثًا في القارة الأفريقية وإحدى أكثر عشر لغات تحدثًا في العالم. من الأهمية القصوى أن تُكيّف اختبارات التقييم ومواد التدخل إلى لغة السكان المحليين. وسيُسهم ذلك في تيسير العلاج والتدخل العصبي النفسي، مما يعزز التقدم في التطور المعرفي.
بشكل عام، تحققت توقعات مشروع PsicoNED لهذا العام الأول، إذ دخل المشروع الآن مرحلة توطيد البروتوكولات والتدخلات. تمكنّا من تلبية ما كان عاجلًا، وهو أن يتمكن جميع الأطفال الذين تم تقييمهم من الوصول إلى تدخل قائم على التحفيز المعرفي وأن تحظى أسرهم بالدعم العاطفي. والآن، في هذه المرحلة، يعد NeuronUP موردًا أساسيًا لمواصلة التقدّم نحو الهدف النهائي: توسيع نطاق علم النفس وعلم النفس العصبي في هذه المناطق.
المراجع
- Dewan et al. (2019): https://doi.org/10.3171/2017.10.JNS17439
- Lindquist et al. (2011): https://doi.org/10.1007/s00381-010-1311-y
- Oliveras et al. (2020): https://doi.org/10.1016/j.neucie.2020.01.001
- Schmidt et al. (2018): https://doi.org/10.2147/CLEP.S178757
- Suárez et al. (2020): https://www.medigraphic.com/pdfs/revmedele/me-2020/me201f.pdf
- Swartwout et al. (2008): https://doi.org/10.1037/a0013373
- Zahl et al. (2019): https://doi.org/10.1007/s00381-018-4016-2
- Zielińska et al. (2017): https://doi.org/10.1016/j.pjnns.2017.02.001
لا تفوت محتويات أخرى ذات صلة بمشروع زنجبار:
“تمت ترجمة هذا المقال. رابط المقال الأصلي باللغة الإسبانية:”
NeuronUP como principal recurso en PsicoNED
اترك تعليقاً